وداع تحت الحراسة.. إعدام الناشط الإيراني بهراميان بإجراءات أمنية مشددة

وداع تحت الحراسة.. إعدام الناشط الإيراني بهراميان بإجراءات أمنية مشددة
الناشط الإيراني مهران بهراميان

في صباح السادس من سبتمبر الجاري، استيقظت مدينة سميرم الإيرانية على خبر لم يفاجئها بقدر ما زاد من جراحها، حيث أُعدم الشاب مهران بهراميان، أحد أبرز وجوه احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية"، بعد محاكمة شابتها اتهامات بالتلفيق والتعذيب. 

لم تُسلَّم جثة بهراميان لعائلته، بل دُفن تحت حراسة أمنية في مقبرة "باغ رضوان" بمحافظة أصفهان، وسط إجراءات صارمة حتى على مشاعر الأم الثكلى التي لم يُسمح لها حتى بإدخال الماء إلى بيتها المحاصر، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الأحد.

وبحسب الشبكة، اعتُقل مهران لأول مرة في نوفمبر 2022 خلال احتجاجات مهسا أميني، حيث تحوّلت دماء الشابة الكردية إلى رمز للحرية في إيران، تعرّض الشاب لتعذيب وحشي في معتقلات الحرس الثوري؛ ضُربت أضلاعه حتى تكسرت، وتمزقت طبلة أذنه. 

ورغم إطلاق سراحه بكفالة خيالية بلغت 100 مليار تومان في فبراير 2024، أعيد اعتقاله بعد أشهر فقط، لم يكن الإعدام نهاية فحسب، بل فصل جديد من معاناة عائلة دفعت الثمن على أكثر من مستوى.

عائلة تحت العقاب الجماعي

لم يقتصر الأمر على مهران، فشقيقه فاضل حُكم عليه بالإعدام أيضًا، مع تقارير عن احتمال تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد، في حين حُكم على شقيقه الثاني يونس ورفيقه داريوش ساعدي بالسجن 16 عامًا لكل منهما. 

حتى بهاره شيري، والدة ضحية آخر من سميرم، سُجنت 8 سنوات بسبب نشاطها الحقوقي. بدا وكأن السلطات أرادت أن تُطفئ صوت المدينة بأكملها، لا أن تُعاقب مهران وحده.

في 25 نوفمبر 2022، قُتل ثلاثة متظاهرين في سميرم، بينهم شقيق مهران، مراد، تحوّلت ذكرى الأربعين لهم إلى احتجاجات واسعة انتهت بمقتل عنصر من قوات "الباسيج" واعتقالات جماعية طالت أهالي الضحايا. 

ومنذ ذلك الحين، أصبحت سميرم رمزًا صغيرًا لثمن الحرية الباهظ في إيران، مدينة جُرحها لم يلتئم بعد.

قضاء متهم بالتلفيق

أصدرت محاكم الثورة أحكام الإعدام على مهران وفاضل في فبراير 2024، ورغم أن محكمة النقض أعادت الملف للمراجعة، فإن القضاء ثبت الأحكام دون اكتراث للتناقضات. 

فالتقرير الجنائي أثبت أن القتيل الباسيجي سقط برصاص بندقية صيد، في حين وُجهت للمعتقلين تهمة استخدام كلاشينكوف. منظمات حقوقية أكدت أن مهران لم يُعدم بسبب "الحرابة"، بل لأنه تجرأ على رفع صوته في وجه النظام.

رحيل مهران لم ينهِ قصته، بل جعلها جزءًا من حكاية كبرى عن إيران الغارقة في محاكمات جائرة وأحكام إعدام تطول حتى الشباب الذين حلموا بمستقبل مختلف. 

صفحة في كتاب لم يُغلق

تشير التقارير إلى أن نحو 70 معتقلاً سياسيًا يواجهون خطر الإعدام حاليًا، ما يجعل من مأساة مهران مجرد صفحة في كتاب لم يُغلق بعد.

في سميرم لم يُسمح بمراسم تأبين، لكن الجدران تعرف، والشوارع تحفظ أسماء الذين رحلوا. وبينما أرادت السلطات دفن مهران بصمت، تخرج قصته اليوم لتشهد على أن الحرية في إيران ما زالت يُدفع ثمنها بالدماء.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية